معلومات العضو
عضو جديد
معلومات إضافية عدد المساهمات : 21
النشاط : 12938
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 07/11/2017
العمر : 26
البلد : مصر
معلومات الاتصال | موضوع: الوصاية النافعة الإثنين نوفمبر 20, 2017 9:06 pm | |
| الوصاية النافعة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أمّا بعد: سئل الشيخ السعدي رحمه الله عن الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب؟ وهي جواب مسدد، لسؤال عظيم، يترتب عليه ثواب جزيل، كيف لا وهذه الرسالة تدور حول العمل الصالح ومضاعفاته، والطرق الموصلة إلى ذلك؟ فهي بحق ميدان فسيح للمرابحة والتجارة التي لا تبور. ثم إنّ كثير من تلك الأسباب التي سيرد ذكرها وشرحها لا تحتاج إلى نية واحتساب، إذ العبد أحيانا هكذا من تلقاء نفسه، فإذا استحضر النية، واستشعر الثواب، وحرص على إيقاع العمل على أحسن وجوهه تضاعف ثوابه وعظم أجره. ولقد ذكر المؤلف رحمه الله لمضاعفة العمل أسبابا عديدة، وضوابط جامعة يدخل تحتها أفراد كثيرة منها: الإخلاص للمعبود قال ابن تيمية: "وجماع الدين أصلان: أن لا نعبد إلاّ الله، ولا نبعده إلاّ بما شرع، ولا نعبده بالبدع، كما قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف: 110]. وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، أي المتقين الله في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة. والمتقين هنا: أي المتقين لله في ذلك العمل بأن يكون عملهم خالصا لوجه الله، متبعين فيه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم". أهـ. قال طلق بن حبيب: "التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله". قال ابن تيمية: "اسم تقوى الله يجمع فعل كل ما أمر الله به إيجابا، واستحبابا، ونهى عنه تحريما، وتنزيها، وهذا يجمع حقوق الله، وحقوق العباد". صحة العقيدة وهي الإيمان الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وبكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة من أصول الدين وأموره وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم والانقياد والاتباع. عموم نفع العمل وعظم وقعه وأثره فالمعلم مأجور على نفس تعليمه، سواء أفهم المتعلم أو لم يفهم؛ فإذا فهم ما علمه، وانتفع به بنفسه أو نفع به غيره - كان الأجر جاريا للمعلم ما دام النفع متسلسلاً متصلاً. وهذه تجارة بمثلها يتنافس المتنافسون؛ فعلى المعلم أن يسعى سعيا شديدا في إيجاد هذه التجارة؛ فهي من عمله وآثار عمله. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]، فـ {مَا قَدَّمُوا} ما باشروا عمله، {وَآثَارَهُمْ} ما ترتب على أعمالهم من المصالح والمنافع أو ضدها في حياتهم وبعد مماتهم. وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "فالعلم عبادة تجمع عدة قربات: التقرب إلى الله بالاشتغال به، فإنّ أكثر الأئمة نصوا على تفضيله على أمهات العبادات - وذلك في أوقاته الزاهرة بالعلم، فكيف بهذه الأوقات التي تلاشى بها وكاد أن يضمحل، والاستكثار من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم وأن من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنّة، ونفعه واصل لصاحبه، ومتعد إلى غيره، ونافع لصاحبه حيا وميتا، وإذا انقطعت الأعمال بالموت، وطويت صحيفة العبد - فأهل العلم حسناتهم تتزايد كلما انتفع بإرشادهم، واهتدى بأقوالهم وأفعالهم؛ فحقيق بالعاقل الموفق أن ينفق فيه نفائس أوقاته، وجواهر عمره، وأن يعده ليوم فقره، وفاقته. وفي هذا العصر تيسرت سبل كثيرة لنشر العلم؛ فعلى من فتح له شيء من ذلك ألا يتوانى، وألا يضيع على نفسه هذه الفرص العظيمة؛ لأنّها تتسبب في عموم النفع، وتمكن من مخاطبة مختلف الطبقات، وتختصر كثيراً من الجهد؛ فيفيد منها العالم والعامي، والكبير والصغير، والرجال والنّساء، والموافق والمخالف؛ فشتان ما بين درس أو محاضرة، أو كلمة يستمع لها، ويفيد منها عشرة، أو عشرون أو ألف أو أقل أو أكثر قليلا - وفي كل خير - وبين ما يفيد منها الآلاف المؤلفة، بل الملايين من النّاس؛ فلا ريب أن ذلك من أعظم ما يعم نفعه، ويعظم أثره". الشركة والاجتماع على العمل سواء كان دينيا أو دنيوياً ولعل ممّا يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى عن موسى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34)} [طه: 29 - 34]. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "علم موسى أنّ مدار العبادات كلها والدين على ذكر الله، فسأل الله أن يجعل أخاه معه يتساعدان ويتعاونان على البر والتقوى؛ فيكثر منهما ذكر الله من التسبيح، والتهليل، وغيره من أنواع العبادات". التسبب في الخير ودلالة النّاس عليه أو فتح باب إليه وهكذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» [رواه مسلم]. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في: الحث على الدعوة إلى الهدى والخير، وفضل الداعي، والتحذير من الدعاء إلى الضلالة والغي، وعظم جرم الداعي، وعقوبته". والهدى: هو العلم النافع والعمل الصالح . حسن الإسلام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله عز وجل» [رواه مسلم]. قال ابن رجب: "وإذا حسن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعني كله، من المحرمات، والمشتبهات، والمكروهات، وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها، فإنّ هذا كله لا يعني المسلم إذا كمل إسلامه، وبلغ إلى درجة الإحسان، وهو أن يعبد الله تعالى كأنّه يراه، فإن لم يكن يراه فإنّ الله يراه". رفعة العامل عند الله قال ابن تيمية: "انظر إلى موسى - صلوات الله وسلامه عليه - رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها، وجر بلحية نبي مثله، وهو هارون، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه وسلم ورفعه عليه. وربه تعالى يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه ويد لله، لأنّه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له، وصدع بأمره، وعالج أمتي القبط، وبني إسرائيل أشد المعالجة، فكانت هذه الأمور كالشعر في البحر". الصدقة من الكسب الطيب وهو الحلال، المباح، السالم من الغش، والربا، وسائر المكاسب الخبيثة. ومن ذلك قوله عز وجل: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]. شرف الزمان كرمضان فشهر رمضان أفضل الشهور، وعشره الأخير أفضل الليالي، وليلة القدر فيه خير من ألف شهر وهو زمان فاضل يضاعف فيه الأجر. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]. شرف المكان هو فضله ومزيته على غيره: قال ابن رجب: "واعلم أنّ مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» [رواه أحمد]". العبادة في الأوقات التي حث الشارع على قصدها وهو ما ندب إليه الشارع ورغب فيه وبين عظم ذلك الوقت وشرفه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» [رواه مسلم]. القيام بالأعمال الصالحة عند المعارضات النفسية والخارجية المعارضات النفسية يشير بذلك إلى ما يجده الإنسان من المعارضات من داخل نفسه، والخوف من التعرض للمشاق، أو الخوف من النّاس ونقدهم وسخريتهم أو الخوف من الفقر، إلى غير ذلك من أنواع الخوف. وأمّا المعارضات الخارجية: يقصد بذلك المعوقات التي تصد الإنسان عن الخير من خارج نفسه، فتقطعه، وتعوق سيره. ومن ذلك السخرية والحسد والدخول في النيات والملهيات والمغريات، وغير ذلك من المعوقات والمثبطات التي يبتلى بها العبد فتجد أنّه بسبب هذه المعارضات النفسية والخارجية يترك كثيراً من الأعمال الصالحة سواء كانت قاصرة عليه، أو متعديا نفعها إلى غيره فتراه يقعد عن حفظ القرآن وطلب العلم والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال النووي: "قال العلماء: ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحاله، ممتثلاً ما يأمر به، مجتنباً ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلاً بما يأمر به، والنهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه؛ فإنّه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه، وينهاها، ويأمر غيره، وينهاه؛ فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟". قال سعيد بن جبير: "لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر". قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، فالعفو عن المسيء في نحو المال أو العرض أو الجراحات أو القصاص ثقيل على النفس لما فيها من حب للانتقام والتشفي. عظم وقع العمل وكبر نفعه عن موسى الأشعري صلى الله عليه وسلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آتاه سائل أو طالب حاجة، قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء» [متفق عليه]. قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "وهذا الحديث متضمن لأصل كبير، وفائدة عظيمة، وهو أنّه ينبغي للعبد أن يسعى في أمور الخير سواء أثمرت مقاصدها ونتائجها، أو حصل بعضها، أو لم يتم منها شيء. وذلك كالشفاعة لأصحاب الحاجات عند الملوك والكبراء، ومن تعلقت حاجاتهم بهم؛ فإنّ كثيراً من النّاس يمتنع من السعي فيها إذا لم يعلم قبول شفاعته، فيفوت على نفسه خيراً كثيراً من الله، ومعروفاً عند أخيه المسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» [رواه مسلم]. وقيل: لأنّ كرب الدنيا بالنسبة إلى كرب الآخرة كلا شيء؛ فادخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده؛ لينفس به كرب الآخرة". الآثار الحسنة للعمل الصالح - فيها نفع العبد في دينه ودنياه. - وزيادة إيمانه فالإيمان يزيد بالطاعة، فإذا زاد الإيمان كان ذلك سبباً في مضاعفة العمل. - ورقة قلبه ضد قسوته، ورقة القلب: لينه، وانقياده، وخشوعه، وتأثره بالقرآن، وبالمواعظ وما إلى ذلك، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر: 22]. الاجتهاد في تحقيق مقام الإحسان والمراقبة وذلك باستحضار اطلاع الله عز وجل وشهوده، وأن يعبده كأنّه يراه، فإن لم يكن يرى الله عز وجل فإنّ الله يراه. وهذا مقام عظيم يضاعف لأجله العمل أضعافاً مضاعفة. إسرار العمل الصالح إذا كانت المصلحة في ذلك.. إنّ إسرار العمل يدل على صدق صاحبه وإخلاصه وبعده عن الرياء، فكان ذلك سببا لمضاعفة ثوابه. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» [رواه البخاري ومسلم]. إعلانها قد يكون سببا للمضاعفة إنّ إظهار الأعمال وإعلانها قد يكون سببا للمضاعفة، وقد يكون خيرا من الإخفاء وذلك إذا ترتب عليه مصالح كحصول الإقتداء ومسارعة النّاس إلى التأسي بذلك العمل. عن جرير بن عبدالله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم صوف، فرأى سوء حالهم قد أصابهم حاجه، فحث النّاس على الصدقة، فأبطؤوا عنه، حتى رئي ذلك من وجهه. قال: ثم إن رجل من الأنصار جاء بصرة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها من بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء» [رواه مسلم]. ---------------------------- |
|